بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، أبريل 27، 2012

الفكر الارهابي .. ابليس انموذجا



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن ولاه .


( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (لأعراف:12)
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (صّ: 75 -76)
لعلها كلمات معدودات لكني ارى فيها كل التفاصيل والشرح والكلام ( انا خير منه ؟) قناعة بنى عليها ابليس مبدأه في رفض الاخر فبئس المبدأ وبئس الاقتناع , وسنة سنها لمن بعده في العدوان على البشرية بتحقيرها والاستهانة بها فبئست السنة , ونهاية جهنمية كتبها المغرور لنفسه سلفا بعد طول العبادة والزهد فنعم له ولامثاله ذاك الختام .
هكذا اذا ولد الارهاب من اب يُدعى المعصية وام هي غضب الله جل وعلا , خرج الى الحياة وليس له ما يبرر وجوده فما ضر ابليس لو سجد ؟!! وما ضره بعد ان عصى لو تاب واستغفر ؟!!
لقد اعتقد ابليس بافضليته المطلقة ولم يكتفي بل اعطى لنفسه الحق في المفاضلة بين الخلائق !!؟ ونسي او تناسى ان الله وحده هو علام الغيوب وهو من يفاضل بين الخلق ولا احد سواه ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله)(البقرة: من الآية140)
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (الأنعام:117)
وكيف لا يفاضل بينهم وهو خلقهم من قبل وهو اعلم بهم ويعلم ما يسرون وما يعلنون !! (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:33)

 ورغم ان ابليس ادرك ان الله قد علم باستكباره (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) (صّ: 75 ) الا انه تمادى ، وابى ان يتراجع عن موقفة وما كانت حجته الا ان قال ( انا خير منه ) فاتبع هواه وقد علم خطأ هذا القول وفساده وقرر ان يمضي في ضلاله مستغلا حلم الحليم عليه ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:79- 82 )

ورغم غضب ربه منه وحلول لعنته عليه قرر اللعين ان يؤكد ان عمله كان صوابا !! فتوعد بان يثبت ما لا يمكن اثباته وذلك بصد البشر عن الحق والهدى والايمان ظلما وعلوا ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً) (الاسراء:62)
وما علم اللعين انه ما توعد الا نفسه (قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً) (الاسراء:63)

هكذا بدا الارهاب , وهكذا تشكلت مبادئه التي بني عليها..  اولها : الخروج على الجماعة ، ولقد كان ابليس اول من ابتدع هذه البدعة (قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين)  
والثاني : العلو و التكبر وهما صفتان لا تليقان الا بالله عز وجل , فاما العلو فهو الاستعلاء على الاخرين سواء بالمكانة او الرأي او المادة او أي شئ , والعلو هو صفة من صفات الحق سبحانه فهو العلي ( وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(البقرة: من الآية255)
أي الرفيع فوق خلقة المتعالي عن الاشياء والانداد , لاكن صاحب مبدا الارهاب يرى نفسه دائما اعلى ولا يرى من هو اعلى منه . واما الكبر فايضا صفة من صفاته جل وعلا فهو المتكبر (هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23) وهو أن تكون الأفعال الحسنة زائدة على محاسن الغير ومن ثم وصف نفسه سبحانه وتعالى بالمتكبر ، ولا يحق التكبر لاحد سواه جل وعلا ، وفي سنن ابن ماجه عن  أبي هريرة  ، قال :  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول الله سبحانه : الكبرياء ردائي ، و العظمة إزاري ، من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم .
والكبر هو الصفة الوحيدة التي يعاقب الانسان عليها بدخول النار قال ربكم ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)(غافر: من الآية35) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .
وقد عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على انه  (بطر الحق وغمط الناس ).. أي رد الحق بعد ثبوته وعدم الانصياع له واحتقارالاخرين وازدرائهم والتكبر كان السبب الحقيقي في طرد ابليس من الجنة وليس عدم السجود لادم والدليل قول الحق تبارك وتعالى (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (لأعراف:13) .. فان رفض ابليس للسجود كان معصية لله لكن تكبره عن الاقرار بالذنب كان تحديا لله عز وجل ولذا عوقب باقصى عقوبة هي الخلود في جهنم وان كانت بحلم الله مع وقف التنفيذ  ، ولا يكون الخروج الا مع الاعجاب بالنفس والكبر وبذلك يكون كلا منهما ملازم للاخر.