بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، يونيو 20، 2013

هل حقا الله له صفات؟


نحن نؤمن ان لله اسماء كما اخبر جل وعلا و انها هي ذاته لا نفصال بينها وبينه  وننكر على من  يستخدم كلمة صفات للتعبير عن بعض اسماء الله .
هذه الكلمة "الصفات" تخالف النقل والعقل لان الله ليس له "صفة" ؟!!
فهل الله يمكن ان يوصف وهل يصح هذا التعبير ؟
الاجابة على هذا السؤال تنقسم الى قسمين ادلة النقل و ادلة العقل

القسم الاول : النقل
 نعلم ان كل ما يتعلق بالله هو من علم الغيب فلم يره احد ولم يسمعه احد وهو راى وسمع كل شيئ وهو الشاهد على كل شيئ و لما وصف بعض البشر الملائكة اناثا قال لهم الله (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناتا اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون )فمن يقول ان لله صفة او صفات فليخبرنا كيف عرف بها و شهد عليها وعليه ان ياتي بدليل على ذلك و الا يكون قد قال على الله بدون علم .
فالقدرة و الارادة و القهر والجبروت و الملك سماها هو اسماء في كتابه العزيز ولم يسمها صفات و لم ترد ابدا و مطلقا كلمة "صفة " في القرآن او السنة النبوية المطهرة و ما ورد هو كلمة "الاسماء" (هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى ) فالله لم يقل ابدا ان له صفة و هو اعلم بذاته بل انه نفى الصفة عن ذاته سبحانه قال : (ليس كمثله شيئ و هو السميع البصير)
و السنة المطهرة ايضا جائت بلفظ "الاسماء" ولم يرد بها لفظ "صفات " ابدا في اي حديث قال الرسول عليه الصلاة والسلام : " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ" و لم يقل اسما وصفة وقال في الدعاء "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك "
ان القول بوجود صفات لله يجعل الله مشابها للمخلوقين يمكن تحديده من خلال الوصف وهذه نفس النظرة الوثنية للالهة عند الفراعنة واليونان والاغريق

القسم الثاني : العقل
الفرق بين الاسم والصفة هو ان الاسم ينسب الى المسمى اما الصفة فينسب اليها الموصوف فيلزم وجودها السبق على وجود الموصوف بعكس الاسم الذي ياتي بعد وجود المسمي فان كان الله خالق كل شيئ فهو خالق للاسماء و خالق للصفات كذلك فوجوده متقدم على كل موجود فان قلنا لله اسماء فهو امر لا يخالف العقل حينها على اعتبار ان الاسماء منسوبة كلها اليه اما اذا قلنا ان له صفات فهذا يخالف العقل اذ لا يمكن ان ينسب الخالق الى المخلوق او ينسب السابق على الوجود الى الاحق بعد الوجود فنكون كمن ينسب الجد الى الحفيد

الهدف من وجود الصفات هو التحديد واذا لا يوصف شيئ به وبخلافة في ذات الان الا فسد الوصف فاما ان يكون اول او يكون اخر و اما ان يكون ظاهر او يكون باطن و الله عز وجل ليس محدد في شيئ اذا انها ليست صفات بل اسماء فاذا قلنا انها صفات نكون قد حددناه بها و التحديد يجعله شيئ و هو ليس كمثله شيئ

 ان الصفة لا يمكن ان تكون ادنى من الموصوف فان كانت احتجنا الى صفة اعلى منها ليتم الوصف نقول فلان كريم فان كان اعلى من الكرم قلنا فلان جواد فاذا الموصوف دائما ادنى من الصفة فان كان اعلى منها لم تصح الصفة و الله اعلى من كل الصفات فان وصف يكون حينها لا معنى للصفات اذ انها جميعا ادنى منه عز وجل وعلا و الله المثل الاعلى

ان الاسماء اليد و الوجه و العين لا يمكن ان تكون على حقيقتها بل هي مكنيات و تشبيهات اعتاد البشر عليه في كل لسان و الهدف منها التقريب فنحن نقول وجه الكتاب و يد الطغيان و عين الصواب ولا نقصد وجودها بالفعل ولا نقصد انها حقيقة فلما تحمل تلك الكلمات على حقيقتها في حق الله عز وجل ؟ ان هذا المنهج في التأويل يقع المسلم في اشكاليات مع العقل و النقل ايضا اذا كيف نقول عن الله ان "يفرح " لكن لا يحزن ! "ينزل" لكن لا يصعد ؟ "يمشي ويهرول" لكن لايقف "يتكلم" لكن لا يصمت  ؟!! والسبب ان ما اعتبر "صفات" ورد بعضها نقلا والاخر لم يرد بل الغريب انهم يختارون من النقل نفسه ما ينسبونه اليه وينكرون شيئا مما نسبه الى نفسه مثل المكر و الضلال !!  ان هذا لا يصطدم مع العقل فحسب بل يعتبر اسهزاء بذات الله .

ان القول بوجود الصفات يفتح الباب على اشكالية خطيرة تجعل الله "اجزاء " تعالى عن ذلك علوا كبيرا اذا قلنا ان ارادته ليست هي ذاته بل هي صفة منفصلة عنه و كذا قدرته و علمه فان ذلك داخل في الفناء في و قت لاحق و كان في العدم في وقت سابق ! فان الله يقول (كل شيئ هالك الا وجهه) و يقول (ويبقى وجه ربك زو الجلال والاكرام)  واذا تهلك قدرته و علمه وحكمته و مشيئته !! وهذا لا يليق به جل وعلا .